“كورونا والغلاء والحرب”.. أزمات تسرق فرحة العيد من أطفال اليمن
لم تمنع التحذيرات التي تطلق بشكل مستمر بالبقاء في المنازل ”أم مازن“، من التجوال في محال بيع الملابس الجاهزة بشارع ”هائل“ وسط صنعاء، والحرص على انتقاء ملابس جيدة لأطفالها الثلاثة، وسط حالة من الصدمة بسبب ارتفاع الأسعار مع اقتراب عيد الفطر المبارك.
ولا تعرف السيدة كيف يمكن لها أن تشتري ملابس جديدة بقيمة 30 ألف ريال (ما يعادل 50 دولارا) يمثل نصف راتبها حسب قولها.
وقالت أم مازن لـ ”إرم نيوز“: ”نصف الراتب الذي جاء بعد أشهر طويلة، أخذته من البنك إلى السوق مباشرة، لم أتوقع هذا الغلاء في ملابس الأطفال.. كورونا وغلاء وحرب“.
”أم مازن“ تعمل موظفة في إحدى المؤسسات الحكومية منذ 12 عاما، توفي زوجها قبل عامين تاركا لها حملا ثقيلا لتكون مجبرةً على المضي في طريق طويل وشاق لوحدها، لم يعد يخيفها تفشي وباء كورونا بين اليمنيين، بقدر خوفها من عجزها عن إسعاد أطفالها.
وعبرت عن ذلك بالقول: ”المهم أطفالي أريدهم أن يخرجوا يوم العيد بملابس جديدة، وتختفي نظراتهم الحزينة على وفاة والدهم، عند لقاء أصدقائهم“.
ومع تزايد الإصابات بفيروس كورونا في مناطق سيطرة الحوثيين، رغم إنكارهم المستمر، شهدت الأسعار كذلك ارتفاعا كبيرا بنسبة 30% من أسعار السلع الأساسية ونحو 40% في أسعار الملابس والأدوات المنزلية، وفق الباحث الاقتصادي بجامعة صنعاء“ منتصر الصيفي“.
وقال الصيفي لـ ”ارم نيوز“، إن ارتفاع الأسعار جاء بعد انخفاض حركة تدفق السلع إلى البلد بسبب الأزمة التي خلفها انشتار وباء كورونا في العالم، لذا استغل الكثير من التجار إقبال الناس على المنتجات لرفع أسعارها بشكل ينعكس سلبا على حياة المواطنين.
وأكد أن الملابس خضعت هي الأخرى لقانون العرض والطلب، وتحول الكثير من التجار إلى تجار أزمة، مستغلين تهافت الناس للشراء لرفع أسعارها بشكل مبالغ فيه، مضيفا: وسط هذا الخوف من وباء كورونا وتدني الأجور وانقطاع الرواتب، سيكون من الصعب أن يجد السواد الأعظم من اليمنين شيئا يشترونه لأطفالهم.
وتكتظ الأسواق في صنعاء بالمواطنين، ومن النادر أن يرتدي المارة والمتسوقون الكمامات والقفازات، وتنعدم وسائل الوقاية من ”كورونا“ في المحال التجارية والأسواق الشعبية، ما يجعل حياة الآلاف من اليمنيين على المحك.
وتدفع الظروف الاقتصادية والمعيشية الصعبة الكثير من المواطنين اليمنيين إلى شراء ملابس رديئة لأطفالهم، وموديلات مر عليها سنوات، لأسعارها الرخيصة، والتي تكون عرضة للمسك واللمس من مئات الأشخاص.
وقال عبدالرحمن فتحي، مالك محل لبيع الملابس الرجالة الجاهزة بشارع القاهرة بصنعاء، إن القوة الشرائية منخفضة منذ سنوات بسبب الحرب، لكنها هذا العام انخفضت بشكل هائل، ما يدفع بالكثير من التجار للإفلاس.
وأضاف في حديث مع ”إرم نيوز“: ”شهر رمضان وعيد الفطر موسمان لكل تجار الملابس، لكن مع انتشار وباء كورونا في اليمن، ازدادت حالة الركود، وسيتحمل البعض تكاليف كبيرة وديونا قد تفوق رأس ماله، لذا يصب اهتمام التجار على بيع بضاعتهم، وعدم الاهتمام بإجراءات الوقائية من ”كورونا“.
ويرى فتحي، أن محال بيع الملابس، لن تكون أكثر خطراً من أسوق ”القات“ التي تشهد ازدحاما كبيرا، يمتد من العصر وحتى الفجر، دون أن تكون هناك أي من وسائل الحماية.
وعلى مدى 3 ساعات بحثت ”أم مازن“ عن ما تشتريه لأطفالها، لكنها لم تجد غرضها، لذا قررت أن تعاود الكرة في يوم آخر وفي سوق آخر، دون أن ترتدي كمامة أو قفازات، مكتفية بالبرقع التقليدي الذي يغطي وجهها.
عن: إرم نيوز