المهاجرون إلى اليمن.. قصة معاناة الوصول ونجاح البعض في العمل
تعز – محمد فرحان
تعتبر الهجرة خيارا استراتيجيا للبقاء بالنسبة لمواطني البلدان التي تعاني الحروب والتدهور الاقتصادي أو تلك التي لا يوجد بها استقرار سياسي والمحكومة بأنظمة قمعية، حيث تجبر العديد من الأسر لمغادرة بلدنها بحثا عن فرص أفضل للعمل، والأمن والحياة المعيشية الكريمة.
ونتيجة لوجود اليمن يجوار دول القرن الافريقي التي تشهد حروبا أهلية وأوضاعا اقتصادية صعبة فقد أصبحت محطة لعبور الآلاف من المهاجرين.
وعلى الرغم من أن اليمن تعاني هي الأخرى من ويلات الحرب منذ نحو سبع سنوات، إلا أنها لا تزال الوجهة المفضلة للمهاجرين غير الشرعيين لأرتباطاها بحدود طويلة مع السعودية التي يقصدها المهاجرون في الغالب، وتحديدًا القادمين من القرن الأفريقي كالصومال وجيبوتي وإثيوبيا، حيث يتخذون منها نقطة عبور للتسلل إلى دول الخليج وبالطبع ليست اليمن هي الوجهة الوحيدة للمهاجرين الافارقة فهناك دول قريبة مثل سلطنة عمان لكن ربما ضعف الإجراءات من قبل خفر السواحل اليمنية واتساع امتداد السواحل اليمنية على البحر العربي والبحر الأحمر جعل العبور الي اليمن هو الاسهل لآلاف المهاجرين.
وتتركز طرق مرورهم باليمن وصولا إلى السعودية، بدءًا من محافظة لحج ثم إلى عدن، بعدها إلى مأرب والجوف، وصولا إلى السعودية، أو عبر طريق جيبوتي، وصولا إلى الحديدة، ومن ثم صنعاء، وصولا إلى صعدة، ومنها إلى السعودية.
وطن آخر
فؤاد حسين (20 عامًا) واحد من بين آلاف الأفارقة الذين تركوا بلدانهم في القرن الافريقي هربًا من الوضع المضطرب هناك وسوء حياتهم المعيشية، أملًا في الحصول على فرصة عمل تمنحه البقاء على قيد الحياة.
قبل أكثر من عامين ونصف، غادر فؤاد بلده إثيوبيا وركب أمواج البحر قاصدًا اليمن للعبور من خلاله إلى المملكة العربية السعودية بهدف العمل.
ما كان يتمناه فؤاد لم يتحقق، إذ لم يستطع الوصول إلى السعودية جراء منع السلطات عبور اللاجئين لحدود البلاد وصعوبة بعض المناطق شمال اليمن التي تشهد مواجهات عسكرية وتعد مناطق ملتهبة بين القوات السعودية وقوات الحكومة اليمنية من جهة ومسلحي جماعة الحوثي خاصة مناطق شمال محافظة صعدة مثل باقم وكتاف والصفراء.
منذ ذلك الحين وبعد أن وصل الي السواحل اليمنية قرر فؤاد البقاء في اليمن ليعمل في بداية الأمر بمزرعة لبيع القات بمحافظة الضالع جنوبي البلاد لمدة خمسة أشهر، قبل أن ينتقل إلى محافظة تعز ويعمل بأحد المطاعم ولايزال فيه حتى اليوم.
يقول فؤاد انه يجد تعامل جيد وتعايش مع الناس من خلال احتكاكه معهم كعامل في مطعم مشهور في مدينة تعز الواقعة تحت سيطرة القوات الحكومية.
ويضيف محاولًا التحدث بالعربية: “اليمني يعطي الماء والأكل ويتعامل كويس (تمام).. اليمني طيب”.
وأشار إلى أن الأجر الذي يتقاضاه مقابل العمل غير كافي خصوصًا مع غلاء المعيشة الذي يشهده البلد.
موضحا انه مستقر الان بعيدا عن الأوضاع المعيشية السيئة في بلاده من ناحية معيشية وبدون عمل لكن كما يقول “العمل تعب والمقابل (المادي) قليل”.
معاناة وانتهاكات
قبل عام 2011، كان اليمن يستضيف أكثر من مليون لاجئ إفريقي معظمهم من الصوماليين يليهم الإثيوبيون فالإريتريون.
وبكل تأكيد هناك المئات من الأفارقة المهاجرين تقطعت بهم السبل ويعيشون ظروف معيشة صعبة، اضطر بعضهم الى تنظيم وقفة احتجاجية مطلع الشهر الجاري في ساحة العروض لمطالبة الأمم المتحدة النظر إلى أوضاعهم المعيشية الصعبة في ظل تردي الأوضاع الاقتصادية وطالبوا المفوضية بتحسين أوضاعهم وإيجاد ملجأ يأويهم.
ونقل تقرير مصور لصحيفة الأيام لصادرة من عدن حجم معاناتهم. و
وفي ذات السياق ذكر تقرير مشترك لمرصد الاوروسطي لحقوق الانسان ومنظمة سام لخص فيه بعض الانتهاكات للمهاجرين حسب شهادات وثقها لتقرير وصفها بالمروعة علـى يـد عصابـات التهريـب وتجـار البشـر فـي منطقـة رأس العـارة الحدوديـة، في غرب محافظة لحج جنوب اليمن إذ أظهـرت تلــك الشــهادات الممارســات المختلفــة لتلــك العصابــات كالتعذيــب والاضطهاد والعنــف الجســدي ولاعتداء والاغتصاب الجنسـي علـى كال الجنسـين، ومختلـف الفئـات العمريـة.
وحول ما تقدمه منظمة الهجرة الدولية للمهاجرين القادمين لليمن تقول عرفات جبريل بكري محامية وناشطة حقوقية ورئيسة المنظمة الاوروميه لحقوق الإنسان في اتصال معها بتسجيل صوتي عبر تطبيق الواتس أب، أن ما تقدم منظمة الهجرة الدولية لهم بعض متطلبات المعيشة من الاكل بعد وصولهم ومن ثم يتم تسجيلهم ويتم اعطائهم بعض الملابس ، وإذا كان هناك منهم شخص مريض يتم نقله إلى المستشفى لعلاجه في حالة استقبالهم كما تقول لمرة واحدة.
وأشارت بكري في حديثها ل “إعلام من أجل المهاجرين” أن السلطات اليمنية هي ذاتها تعاني من مشاكل لذا لا يمكن أن نلومها بينما إذا كان الوضع كما كان عليه قبل ٢٠١٤ يمكن أن نوجه لها اللوم لما كانت عليه من حالة استقرار، إلا أن هناك قصور من ناحية السلطات اليمنية حيث يجب أن تشدد على منظمة الهجرة الدولية لأنها لا تقوم بعمل الواجب مع المهاجرين ويفترض تشكيل لجنة لمساعدة المهاجرين لانهم أصبحوا ضحيه في خاصة في المناطق الشمالية وحاول المحرر التواصل مع مسؤول مصلحة الهجرة في الحكومة وأيضا في جماعة الحوثي للاستفسار حول هذا الامر لكن لم يجد أي تجاوب.
ولفتت الى أن أكثر القوميات التي تهاجر إلى اليمن من اثيوبيا هم من قومية الاورومو كونهم مضطهدون ويتعرضون لانتهاكات عنصرية دينية.
وتضيف بكري تقطعت بهؤلاء المهاجرين السبل المعيشية ولا يتحدثون اللغة العربية لذا لا يعلمون في الأساس أن هناك حرب في اليمن فيتجهون إليها كونها قريبة من إثيوبيا وما إن يصلوا إليها يستقر البعض ويبدأ بالعمل ومنهم من يعبر الحدود إلى السعودية للعمل وتحسين ظروفه المعيشية حسب ما تقول.
واوضحت بكري الى أن الكثير من المهاجرين الأفارقة يتعرضون للانتهاكات في المناطق الشمالية لليمن حيث يتم تجنيدهم بالقوة. واتهمت بكري جماعة الحوثي أنها تعمل على استقطاب المهاجرين الأفارقة بكل الوسائل لأخذهم إلى الجبهات ومن يرفض يزج به داخل السجون.
وفي تقرير صحافي نشره موقع بلقيس التابع لقناة بلقيس (قناة إخبارية) أوضح كاتب التقرير الذي سرد قصة تجنيد تولدي زيدي عندوم كوراري”، إثيوبي الأصل، مسيحي الدِّيانة، كمقاتل في صفوف جماعة الحوثي اكد احد اقاربه وهو مقيم مع اسرة تولدي في صنعاء انها لم تستلم جثته بعد مقتله حسب التقرير.
إحصائيات
تشير أحدث الاحصائيات الأممية إلى أن حوالي 20 ألف مهاجر إفريقي وصلوا اليمن منذ مطلع العام 2021، وأن واحدا من كل 5 مهاجرين سلكوا الطريق إلى اليمن هم من النساء والفتيات.
في تصريح لرئيس المركز العالمي للسلام وتنمية حقوق الإنسان عضو منظمة العفو رائد الجحافي في نوفمبر الماضي اكد انه وصل اليمن من الآلاف من المهاحرين إلى خلال 2021، الي اليمن ويواجه معظمهم مخاطر حماية شديدة بحسب بيان أصدرته منظمة الهجرة الدولية التابعة للأمم المتحدة.
وقد وصفت اليمن بأنها أكثر طرق الهجرة البحرية ازدحامًا في العالم، فهناك حوالي 11,500 شخص سافروا بحرًا، في كل شهر من شهور العام 2019، من منطقة القرن الأفريقي إلى اليمن، حسب تقرير لمنظمة سام في فبراير 2020.
وقد قارن التقرير الأممي الذي جمعته “مصفوفة تتبّع النزوح” التابعة للمنظمة الدولية للهجرة بين عدد 138 ألف شخص عبروا خليج عدن إلى اليمن خلال العام 2019، وعدد المهاجرين الذين عبروا عن طريق البحر الأبيض المتوسط إلى أوروبا والذين بلغ عددهم خلال نفس الفترة، أكثر من 110،000 مهاجر فقط.
وفي تقرير آخر، قالت منظمة الهجرة الدولية إن أكثر من 150 ألف مهاجر وصلوا إلى اليمن عام 2018، بزيادة ناهزت 50% مقارنة بعام 2017، فيما شهد العام 2019 وصول 107 آلاف مهاجر.
وحسب تقرير منظمة سام فقد ســجلت أولــى موجــات المهاجريــن الوافــدة مــن القــرن الافريقية إلــى اليمــن ومنهــا إلــى الســعودية فــي الســبعينيات، أثنــاء فرارهــم مــن الحــرب وانعــدام الامن فــي بلدانهــم. وبــدأت موجــات جديــدة مــن المهاجريــن تمـر فـي التسـعينيات، بعـد أن وصلـت الحكومـة الاثيوبية للسـلطة فـي عـام 1991 وأزاحـت القيـود علـى الهجـرة. ودفـع النـزاع المسـلح فـي الصومـال أكثـر مـن 966 ألـف لاجـئ إلـى بلـدان قريبـة، علـى مـدار عشـرات السـنين، بنـاء علـى جنسـيتهم. ولقد مر زمن طويل وهم يعيشـون فـي اليمـن وقـد حصلـوا علـى وضـع اللجـوء تلقائيـا بينهـم 244 ألفـا ً من القـرن الافريقي، ومـن أماكـن بعيـدة مثـل نيجيريـا والنيجـر.
*هذه المادة تنشر بالتزامن مع منصة (إعلام من أجل المهاجرين)