المعلمات في المدارس الأهلية،، مهام لا تنتهي وضغوط بالجملة
تعز – أحلام فاروق الأسودي
“تخرجت من كلية التربية قسم تربية إسلامية، وتقدمت للعديد من المدارس ولم أجد فرصة عمل بسهولة، وجميع المدارس الخاصة التي توجهت إليها تعرض رواتب متدنية ما بين 17000 ريال إلى 23000ريال، وبسبب حاجتي للراتب قبلت، كوني مشاركة مع أخوتي بجزءمن إيجار بيتنا ومصاريفه، وكذا مصاريفي الشخصية”، تقول سلمى.
تصمت لبرهة، ومن ثم تواصل: قبلت العمل ولكن بعد مرور أيام توسعت المدرسة فزادت الشُعب، وتم مضاعفة عملي بإضافة المزيد من المناهج، ذهبت للإدارة معترضة عن هذه الإضافة، فكان ردهم: إمكانية المدرسة لا تسمح بتعيين معلمة جديدة، فقلت لهم هذا عمل مضاعف فوق طاقتي، فكان الرد هذا ما عندناوكأن لسان حالهم يقول إذا لم يرق لك فيمكنك أن تتركي العمل.
تقول سلمى”اسم مستعار” بأنها تحملت المشقة بسبب ما عليها من التزامات، ومن مواجهت الغلاء المعيشة، وتضيف: في الفترة الأخيرة فرض علينا الخضوع في سبيل الحصول على لقمة العيش بسبب الوضع المزري الذي نعيشه، استسلمت للوضع لعدم وجود مكان بديل، لكنكما يُقال رضينا بالهم والهم ما رضى بنا”.
قرار استغناء
“أثناء تأديتي لأحد الحصص طلبت من طالب مقصر الوقوف، فما كان منه أن رفع صوته بالرفض،ودفعني بقوة عند الباب، وخرج من الفصل، خرجت للممر لأطلب من مشرفة الممر ضبطه، فتم استدعاء ولية أمره، وبعد أخذ ورد بين الإدارة وولية الأمر ساد صمت من إدارةالمدرسة عن هذا الموضوع، لأتفاجأ نهاية الفصل بقرار الاستغناء عن خدماتي بمكالمةتلفونية”، تقول سلمى وملامح استغراب وحيرة ترتسم على محياها.
كمعلم المدارس الحكومية
ويقول الاقتصادي فاروق حيدر: إذا اعتبرنا المدرسة الأهلية مشروعاً اقتصادياً، لابد من تحديد الطاقة الاستيعابية للمدرسة، أي عدد الطلاب بحيث تغطي رسوم الدراسة تكاليف المدرسة من ايجارات شهرية، ومرتبات معلمين، وإداريين، وكل ما يندرج في الرأسمال العامل.
وأكد حيدر على ضرورة وجود قانون يحدد المرتبات، والأجور للمعلمين، والعاملين بحيث يكون الحد الأدنى للراتب في المدرسة الأهلية يعادل ما يتقاضاه المعلم في المدرسة الحكومية،وأن يكون في القانون أسس لفتح المدرسة، وكل تكاليف التدريس، ويضمن ربحاً لا يقل عن%25، وأن تتم إستقطاعات التقاعد وغيرها حسب القوانين النافذة.
ويفضل حيدر بأن تبنى المدرسة كمشروع مملوك لا تُستأجر، كون التعليم خدمة وليس سلعة، ويضيف: ربما يتطلب الأمر دعماً حكومياً في الموازنة العامة للدولة، وربما دعماً من رجال الأعمال، والميسورين ما لم فستبق المشكلة قائمة، وقد يقتضي الأمر أن تظل الحكومة هي المعنية بشؤون التعليم رسمياً.
ويدعو حيدر إلى التعرف على المشاريع الناجحة للتعليم الأهلي في الدول الأخرى لكي تكون البداية من حيث انتهى الآخرون وليس من الصفر.
تشكيل نقابات
من ناحيته أوضحت المحامية أمل محمد صبري بأن قانون العمل هو القانون المختص في القطاع الخاص التي تعتبر المدارس الأهلية جزء منه، ويسري عليها ما يسري على أي قطاع.
وأشارت الصبري إلى أنه لا يوجد نص يتعامل مع موظفي القطاع الخاص بأن لهم مظلومية، وأن ما يسري هو الالتزام بالعقد الموقع بين الطرفين، مؤكدة على أن تشكيل نقابات خاصة لمناصرة عمال القطاع الخاص، ستضمن نيل الحقوق، عبر المطالبة بسن قوانين، وتعديل أخرى.
استغلال وضغوط نفسية
ناصر الحميري أخصائي نفسي يقول بأنه بالإضافة إلى عدم توفر فرص عمل أخرى، ومتطلبات المعيشة، فإن العادات والتقاليد تشكل ضغوطاً على المرأة للقبول بالعمل في المدارس الأهلية برواتب ضئيلة،وأن هذا يعد استغلالًا ويؤثر على المرأة نفسيًا.
وأضاف: الرواتب الزهيدة، وعدم توفر ضمانات للعمل (تأمين صحي، أو تأمين اجتماعي)، وأساليب التعامل مع المعلمة كالوقوف دائمًا مع أولياء الامر، دون تقديرها كمعلمة، تسبب لها بضغوطات نفسية يتسع تأثيرها السلبي على العملية التعلمية والمخرجات إلا من رحم ربي وتعمل بضمير، أما كقناعة ورغبة نادراً”.
وأوضح الحميري بأن ذلك يؤثر على سلوك المعلمة وتعاملها مع أسرتها، وأنها لا تتحمل أعباء المنزل،وأعماله، والمتزوجة منهن لا تجد طريقة بالتعامل مع أبناءها، حد تعبيره.
عدم وجود ضوابط
ويرى الحميري بأن هناك استغلال من المستثمرين مُلاك المدارس للعاملات لديهم، وأناستمرارهم في ذلك، هو في عدم وجود ضوابط إدارية للمستثمرين من قبل الجهات المختصة،كتحديد الرواتب المناسبة، وأنصبة الحصص، و… الخ.
(تنشر هذه القصة بالتزامن مع نشرها في منصة “هودج”، وفقًا لمذكرة تفاهم بين منصة ميون ومركز الدراسات والإعلام الاقتصادي)