حتى لا تتحول عدن الى مدينة غابرة ، حماية القطاع الخاص هو حماية للدولة
هشام السامعي
شهدت العاصمة عدن خلال الفترة الأخيرة تحسناً ملحوظاً في الجانب الاقتصادي نتيجة العمل التكاملي الذي تقوم به السلطة المحلية والحكومة والبنك المركزي ومجلس القيادة الرئاسي , ومع هذا التحسن كنا نطمح أن نصل إلى إطلاق رؤية تنموية تساهم في تطوير بيئة الأعمال وتعزيز الاقتصاد الكلي للدولة وصولاً إلى تحقيق معدلات نمو في الناتج المحلي . لكن البوصلة يبدو انحرفت عن مسارها قليلاً بعد جملة القرارات التي صدرت من جهات متعددة في الحكومة والسلطة المحلية والمتعلقة بمجموعة من الرسوم والجبايات التي فرضت على أصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة , دون أن ينظر إلى كارثية عواقب مثل هذه القرارات على قطاع الأعمال الخاص في مثل هكذا توقيت , خصوصاً والبلاد لازالت مقسمة ونذر الحرب لازالت تدوي وعملة محلية لازالت في خطر . ولأجل هذا كله سأبرز هنا بعض الملاحظات والتوصيات التي يمكن أن تساهم في إعادة البوصلة إلى مسارها الصحيح :
_ غالبية الدول التي خاضت حروب وصراعات وحققت فيما بعد نهضة اقتصادية كبيرة ركزت بشكل كبير على تطوير بيئة الأعمال وبصفة خاصة المشاريع الصغيرة والمتوسطة باعتبارها الضامن الحقيقي لتحقيق نمو الناتج المحلي وتوفير فرص العمل , وعلى سبيل المثال تقدم دولة رواندا تسهيلات لكل مستثمر يرغب في الاستثمار داخل الدولة بدءً بسهولة تسجيل المشاريع والتي تتطلب أقل من 48 ساعة لاستكمال كافة التراخيص والأوراق اللازمة للبدء بالمشروع , إضافة إلى تقديم إعفاءات ضريبية للمشاريع لمدة معينة وكذلك تقديم كتيب فيه مجموعة من دراسات الجدوى لمشاريع جديدة بحيث تسهل عليك اختيار المشروع المناسب لك , بالإضافة إلى ميزات أخرى أبرزها حصول المستثمر الأجنبي على ذات الفرص التي يتحصل عليها المستثمر المحلي .
_ هناك علاقة تكاملية بين تحسين بيئة الأعمال واستقطاب الاستثمار , إذ كلما وفرت الدولة ميزات تنافسية في بيئة الأعمال كلما تدفقت إليها الاستثمارات , وأحد أهم المخاطر التي تعرقل تدفق الاستثمار هو عشوائية القرارات المتعلقة بتحديد الضرائب والرسوم الحكومية .
_ كان بالإمكان إطلاق خطة لتطوير قطاعات الأعمال للمشاريع الصغيرة والمتوسطة وتوفير ميزات تنافسية تمكن أصحاب هذه المشاريع من النمو وخلق فرص استثمارية جديدة تضاعف عدد هذه المشاريع وتدعم تدفق الأموال واستعادة الدورة النقدية .
_ ضاعفت الحرب القائمة من مخاطر تعثر المشاريع الصغيرة والمتوسطة , وهي المشاريع التي توفر فرص عمل لما يزيد عن 67% من الأيادي العاملة بحسب تقارير سابقة للبنك الدولي , وبالتالي يفترض على الدولة حماية هذه المشاريع وتسهيل أعمالها ونشاطها وتطوير قدراتها .
_ التضييق على القطاع الخاص سينعكس بشكل طردي على إيرادات الدولة , كلما ضاعفت الدولة من رسوم الضرائب والجبايات كلما تقلصت عدد المشاريع الخاصة , وصولاً إلى مرحلة تصبح البيئة طاردة لأي مستثمر ( مهما كان رأسماله ) .
*هشام السامعي
كاتب متخصص في اقتصاد الأعمال .