الدرس الحضرمي
فهد طالب الشرفي
خلال الاسبوع الماضي مررت بحضرموت الشاسعة، محافظة مترامية الاطراف تكاد تكون دولة مكتملة الاركان، من منفذ الوديعة الى المكلا ثم من المكلا الى شبوة وفي يومين مررنا بها مرور الكرام فكيف لو كانت خطتنا ان نزور بعض مديرياتها او مدنها ربما يحتاج ذلك منا لاسابيع طويلة.
حضرموت الوادي وفي اعلى وادي عين بعد منتصف الليل كانت لنا وقفة مع ظرف معين، فكانت الفزعة الحضرمية اقرب الينا من رمش العين، شبان احرار من نهد وبا وزير قاموا على قضاء حاجتنا بسرعة ومكثنا معهم في ديوان مفتوح كمضاف عام لا يغلق ابوابه بجانب محطة بترول منها اعدنا تموين سياراتنا، وقبل ذلك كانوا قد حاولوا باصرار اصطحابنا الى بيوتهم لضيافتنا حتى قبل ان يسألونا حتى من نحن؟ ربما فيما بعد وعند دخولنا الى الديوان بدأ احدهم يتفرس فيّ ويحاول الوصول الى هويتي من ذاكرته ولسان حاله الصامت يقول هذا الشخص ليس غريب علي، وبعدها عرفنا بانفسنا وعرفونا بانفسهم دون ان يزيدوا.
كانت لنا مواقف عديدة وفي المكلا كنا في ضيافة اللواء فرج البحسني عضو مجلس القيادة الرئاسي والشيخ مبخوت بن ماضي محافظ محافظة حضرموت والسلف يستقبل الخلف ويقيم له الضيافة ويسلم له المحافظة الكبيرة الغنية بكل سلاسة، ولقد شرفتنا قيادة حضرموت بالجلوس معهم في ديوان امين عام المجلس المحلي لمحافظة حضرموت بحضور عدد من الوكلاء والقيادات التنفيذية والامنية والمحلية، يجذبنا حديثهم العقلاني ونقاشهم المليء بالرزانة والحصافة الحديث الذي لا يخلو من الدعابة والنكتة اللطيفة، وهم يناقشون وضع المحافظة والخدمات فيها والمحافظ يستمع لهم ويبادلهم الهموم والآمال والطموحات والاماني.
غادرنا حضرموت ومنذ دخلنا حدود سيطرة النخبة الحضرمية شعرنا بالحزم واليقظة والادب الجم والالتزام الذي يؤدي حتما الى ترسيخ الامن والامان في عموم عاصمة المحافظة ومديريات الساحل، وبعد خروجنا من آخر نقطة لحدود حضرموت تبادر الى اذهاننا سلوك جماعة اخرى تبسط يدها على مديريتين من مارب وتملأ الارض ضجيحا ونقيقا وهي لم تصنع شيء اصلا بل تحاول تزييف الوعي وتزيين فشل ما حدث مثله في التاريخ بينما حضوموت التي ترفد الوطن المريض كله تصنع كل جميل ومعروف فينا بصمت وادب عالي ينسجم والخلق الحضرمي الرفيع.
اليوم ايضا صدر قرارا رئاسيا ثانيا بتعيين قائدا للمنطقة خلفا للواء فرج البحسني عضو مجلس القيادة الرئاسي والى الان لم نسمع بتمرد ولا انقلاب ولا فوضى ولا اعلان حرب كما فعل الاصلاح وغلامه لعكب الشريف في عتق عاصمة محافظة شبوة.
لا زال الدرس الحضرمي العظيم يعلم الاجيال اعلى معاني السمو والالتزام والانضباط والمدنية والتحضر, فتحية كبيرة وجليلة لحضرموت الارض والانسان.