في الـ 29 من ديسمبر 2020 احتجت إلى الف دولار أمريكي ويومها ذهبت إلى محل صرافة بشارع السجن بالمنصورة ودخلت على صاحبه وسلمت عليه وتجمعني به معرفة بسيطة.
أخبرته يومها إنني بحاجة إلى الف دولار وكان يومها سعر الصرف 872 ريالا لكل دولار.
قال لي :” ايش رأيك تنتظر إلى بكرة وأبيع لك بأرخص من ذلك؟
سألته ما الذي يمكن ان يتغير خلال 24 ساعة فقط فلا يعقل ان يتحرك البنك المركزي أو ان تتم إي إصلاحات .
قال لي :” اترك فلوسك وانتظر مني أتصالاً..
يومها كانت الحكومة تشد رحالها إلى عدن وفعلا قام الرجل بصرف المبلغ صباحا بواقع 633 ريالا يمنيا وبفارق صرف 239 ريالاً يمنيا أي بما معناه حوالي ربع مليون ريال يمني في عملية مصارفة عابرة وصغيرة للغاية..
خلال الفترة الماضية وبعملية تتبع بسيطة يدرك المتابع ان كل الخراب الذي طال حياة الناس سببه أمران اثنان لا ثالث لهم صراف لا يملك ذرة من الإيمان والشعور بالذنب ودولة ومؤسسات غائبة بل ومشاركة في عملية الإفساد.
قال لي موظف في محل صرافة فتح أبوابه فترة مابعد الحرب انهم ومنذ افتتاحه لم يقوموا داخل المحل باي عمل مصرفي يذكر وكل مايحدث هو ان مالك المحل يملك حسابات مصرفية متعددة في مراكز صرافة مختلفة ويفتتح أعماله عبر الواتس يبيع ويشتري ويقيد له وعليه ..شيء ما يذكر لايقوم به الموظفون في هذه المحال.
تذكرت هذه الجزئية وانا اقرأ لاحدهم من متابعي الوضع الاقتصادي وهو يضع سؤالا كبيرا حول من هي محال الصرافة التي تتداول أسعارها عند الواحدة فجرا نافيا صحة ما يشاع من نزول وارتفاع لسعر الصرف ليلاً.
والحقيقة ان مايحدث أمر واقعي فالدولة التي تفرض تداولاً للعملة داخل محلات الصرافة وخلال ساعات الدوام الرسمي ((غائبة)) حتى اللحظة .
صدق أو لاتصدق ان مالكي محال الصرافة ليس في عدن فقط بل حتى في المحافظات الأخرى اكتنزوا من الأموال مايفوق مئات المليارات خلال عام مضى ويزيد.
صدق أو لاتصدق ان فارق القيمة التي كان يدفعها المواطن في كوب الشاي قبل شهرين وبين قيمته اليوم كانت تذهب لجيوب هؤلاء وللأسف الشديد.
صدق أو لاتصدق ان الفارق المهول في قيمة الدجاجة التي كنت تشتريها لأولادك خلال الفترة الماضية كانت تذهب إلى جيب الصرافين.
خلال الأيام القلية الماضية عاد سعر الصرف من حوالي 1700 ريال إلى 820 ريال دونما أي إصلاحات اقتصادية ودونما دخول وديعة ودونما أي شيء وهذا امر يؤكد ان الصرافين كانوا يعبثون بالبلاد طولا وعرضا مستغلين غياب الدولة .
تخيل ان نصف قيمة كل مايشتريه الناس ويبيعه لاكثر من عامين كانت تذهب لجيوب صرافين.
بعبارة عامية أدق نصف دجاجة البيت لك والنصف الثاني يأخذها الصراف..
قبل اشهر من اليوم دعتنا إدارة البنك المركزي اليمني بعدن لحضور حفل تدشين شبكة موحدة لا دارة العملية المصرفية.
وكانت الواقعة الأغرب في تاريخ العمل المصرفي ..
تخيل شبكة موحدة لشركات الصرافة بغياب البنك المركزي وإدارته.
يومها التقيت مسئولا في البنك وسألته عن معلومة أسداها لي احدهم وهي ان اكثر من 40 محل صرافة في عدن تعمل دونما تصاريح.
هز الرجل رأسه وقال نعم صحيح واذا ذهبت اليه لإغلاقه سيحضر لك أطقم لجرك إلى السجن ،لايحدث هذا في عدن وحدها بل في محافظات أخرى أيضا لكي يكون في الأمر شيء من الإنصاف.
ولذلك نقول انه اذا كانت هناك وديعة قادمة فلا حل لسلامتها الا بتقليم أظافر محلات الصرافة وأصحابها .
ولاحل إلا بالردع الوافي والكاف مالم ستذهب هذه الوديعة مثل غيرها أدراج الرياح واي اصلاحا ماليا مهما كانت قيمته لن يكون مجديا في ظل وجود هذه السرطانات.