ملايين النازحين من جحيم الحوثي حياتهم مهددة بكورونا
(أ ف ب)
في مخيم للنازحين بمديرية الخوخة الخاضعة لسيطرة القوات الحكومية في غرب اليمن، تفكّر نسيمة أحمد بكيفية الاستعداد لحجر صحي محتمل بسبب فيروس كورونا المستجد كونها لا تملك القدرة على شراء مواد غذائية لأولادها.
فبعد نحو ست سنوات من الحرب بين قوات الحكومة المعترف بها دوليا والمتمردين الحوثيين المدعومين من إيران، بات ملايين اليمنيين على حافة المجاعة في بلد يهدّد تفشي الفيروس فيه بكارثة في ظل أسوأ أزمة انسانية في العالم.
وتقول الأم لوكالة فرانس برس “لسنا مستعدين لكورونا لأن ليس لدينا أي شيء لتخزينه”.
وتعيش السيدة في خيمة شبه فارغة سوى من فراشين. ويعيش معها أطفالها الأربعة في المخيم الواقع على بعد نحو 130 كلم جنوب مدينة الحديدة الخاضعة لسيطرة المتمردين.
وتضيف نسيمة أحمد “نحتاج لتخزين الطعام في حال فرض حجر صحي”، مضيفة “أنا خائفة. أخاف على أطفالي خصوصا أن كورونا يؤدي للوفاة”.
منذ وصول فيروس كورونا المستجد إلى اليمن، بات الآلاف من سكان مخيمات النازحين يعيشون حالة من الخوف والقلق، لا سيما في ظل صعوبة الحصول على مياه نظيفة وتطبيق إجراءات الحجر الصحي والتباعد الاجتماعي.
وبعد خمس سنوات من نزاع مدمّر بعد تدخل السعودية على رأس تحالف عسكري ضد المتمردين الحوثيين، يشهد اليمن انهيارا في قطاعه الصحي، فيما يعيش نحو 3,3 ملايين نازح من بين 27 مليون مواطن، في مدارس ومخيمات تتفشى فيها الامراض كالكوليرا بفعل شح المياه النظيفة.
متطلبات العيش
وقُتل في أفقر دولة في شبه الجزيرة العربية منذ بدء عمليات التحالف، آلاف المدنيين، بينما تشهد البلاد نقصا حادا في الأدوية وانتشارا للأمراض والأوبئة التي تسبّبت بوفاة المئات.
وسجّل اليمن حتى الآن 65 إصابة بفيروس كورونا المستجد منذ ظهور أول حالة الشهر الماضي، بينها 10 وفيات، لكن الأعداد قد تكون أكبر، بحسب مسؤول حكومي.
وقال المسؤول لوكالة فرانس برس مفضّلا عدم الكشف عن هويته إنه خلال 24 ساعة بين يومي الأحد والاثنين “توفي 70 شخصا بأوبئة مختلفة” في عدن في جنوب أفقر دول شبه الجزيرة العربية.
ولم تعرف بعد طبيعة هذه الأوبئة، لكنه يرجّح “أن يكون كورونا يحصد الأرواح” بشكل أكبر مما هو معلن، مشدّدا على أنه “في ظل غياب مؤسسات الدولة، نعجز عن كشف أسباب” الوفيات.
وتّتهم الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا المتمردين بإخفاء الأرقام الفعلية للإصابات في المناطق الخاضعة لسيطرتهم، في وقت تتزايد أصوات اليمنيين المطالبين بوقف إطلاق النار للتركيز على مكافحة المرض.
ويقول صدام بجاش في عدن إن السلطات “لم تتخذ أي إجراءات وقائية للناس المخالطين للحالات، لذلك نتوقع تفشي الفيروس وحصول كارثة لن يستطيع أحد السيطرة عليها ابدا”.
ولطالما حذّرت المنظمات الانسانية والأمم المتحدة من أن تفشي الفيروس في اليمن الخاضع لحصار بري وبحري وجوي من التحالف، سيكون بمثابة كارثة بشرية.
وقد تشكّل مخيمات النازحين بيئة خصبة لانتشار الفيروس، مع افتقارها للنظافة الشخصية ووجود عدد كبير من السكان في مساحات ضيقة.
وتقول مديرة مشاريع منظمة “أطباء بلا حدود” في اليمن والعراق والأردن كارولين سيغين لفرانس برس إن “فيروس كوفيد-19 قد ينتشر بسرعة كبيرة خصوصا في الأماكن المزدحمة مثل المدن والمخيمات المخصصة للنازحين”.
وتضيف أنّ العيش في أماكن ضيقة وسط افتقار لمقومات النظافة “يصعّب عملية العزل أو حتى غسل اليدين”.
وتتابع “النازحون هم غالبا فقراء ما يعني أنه يستحيل عليهم أن يبقوا في منزل بينما ينتشر الفيروس، عليهم أن يخرجوا ليجنوا لقمة عيشهم”.
خارج السيطرة
وتتوزّع عشرات المخيمات في مناطق متفرّقة من البلد المجاور للسعودية وعمان والمطلّ على باب المندب حيث تقع في الضفة الأخرى في إفريقيا دول يهاجر مواطنوها الى اليمن أملا في بلوغ دول مجلس التعاون الخليجي الثرية للعمل فيها، بينها الصومال وإثيوبيا.
ورغم الحرب، يستضيف اليمن بحسب المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، نحو 280 ألف شخص من اللاجئين وطالبي اللجوء، من ضمنهم ثاني أكبر عدد من اللاجئين الصوماليين في العالم، وهو 254 ألفا.
ويعيش كثير من هؤلاء اللاجئين في مخيّمات عشوائية.
في الخوخة، تسعى السلطات إلى تثقيف السكان صحيا للوقاية من الفيروس خصوصا في مخيمات النازحين، وبينها مخيم الوعرة حيث تعيش 600 أسرة نازحة بينهم أسرة نسيمة أحمد.
ويؤكّد مدير مكتب الصحة التابع للحكومة اليمنية في الخوخة الطبيب عبد الله دوبلة أن “التثقيف الصحي يجري الآن، وتقوم الكثير من المنظمات بالتوعية عن طريق السيارات ومكبرات الصوت”.
وتقوم السلطات بتدريب فرق للاستجابة السريعة، وأصبح هناك 21 فريقا.
وقال محافظ الحديدة حسن طاهر لفرانس برس “بدأنا في الخوخة بخطوات كثيرة للحيلولة دون انتشار الفيروس”.
وتابع “لدينا عدد كبير من المخيمات الكبيرة والتجمعات، وسنحاول وضع وحدة صحية في كل مخيم لتعنى بالنازحين، وفي حال الاشتباه (بحالات إصابة بكورونا) سيتم نقلها إلى مراكز متطورة”.
وفي المخيم، يدرك النازحون مثل صلاح درويش إمكانية تفشي الفيروس في بيئتهم.
ويقول لفرانس برس “نحن خائفون على أطفالنا ولدينا مسنّون ونحن في مكان ناء”، مضيفا “قد ينتشر الوباء كالنار في الهشيم”.